التربية مش بس أكل وشرب ومدارس… التربية الحقيقية هي إننا نساعد أولادنا يكوّنوا شخصية متوازنة وسلوك محترم. واللي بيخلينا ننجح في ده هو فهمنا إن السلوك ممكن يتعدل ويتطور، وإن أي عادة غلط ممكن تتغير لو عرفنا نتعامل معاها صح.
ليه لازم نهتم بتعديل السلوك من بدري؟
الطفل في أول سنين حياته بيكون زي الورقة البيضاء أو العجينة الطرية، أي حاجة بنكتبها أو بنشكلها هتثبت معاه.
لو اتعود مثلاً يصرخ عشان ياخد اللي هو عايزه، أو يتهرب من المسئولية، ومعملناش حاجة، العادة دي هتكبر معاه وتبقى جزء من شخصيته. إنما لو واجهناها بدري بأسلوب تربوي، إحنا كده بنحميه من مشاكل في المدرسة، وفي علاقاته، وحتى في حياته لما يكبر.
تعديل السلوك مش بس عقاب!
كلمة "تعديل" مش معناها إننا نمسك العصاية ونوقفه عند حده. الفكرة الأساسية هي إننا نعلّم ونوجّه. ومن أهم الأدوات:
التعزيز الإيجابي: نمدح السلوك الكويس فور ما يحصل. مثلاً: "أنا فخورة بيك إنك خلصت واجبك من غير ما أقولك".
العواقب الطبيعية: لو لعبته اتكسرت لأنه لعب بيها غلط، نسيب النتيجة تبان عشان يتعلم.
القدوة: الولد اللي شايف باباه وأمه بيتعاملوا باحترام، هيقلدهم أكتر من أي نصيحة.
أمثلة واقعية:
لو ابنك بيقاطع الكلام، ممكن نتفق معاه على إشارة صغيرة (زي لمسة على الكتف) تفتّكره يستنى دوره.
لو بنتك ما بترتبش غرفتها، ممكن نعمل "تحدي الـ 5 دقايق" ونشوف مين يقدر يخلص أكتر في الوقت ده.
ألعاب وأنشطة لتعديل السلوك:
1. صندوق النجوم: كل مرة الطفل يعمل سلوك كويس، نحط نجمة في الصندوق، ولما يوصل لعدد معين ياخد مكافأة بسيطة.
2. لعبة المرآة: الطفل يقلد حركاتك وأنت تقلده، دي بتساعده يتعلم التركيز وضبط النفس.
3. قصة قبل النوم: احكي قصة بطلها بيواجه نفس السلوك اللي بتحاول تعدله، وخليه هو يقترح الحل.
وماذا لو حسيت إن الموضوع أكبر مني؟
أوقات بيكون السلوك متكرر أو مرتبط بمشاكل أعمق زي فرط الحركة أو القلق، وهنا بيكون اللجوء لمتخصص تعديل سلوك هو الحل الأمثل.
المتخصص مش بس بيحل المشكلة، لكنه بيعلّم الأهل استراتيجيات تناسب شخصية الطفل وظروف البيت.
وده مش ضعف ولا تقصير… ده ذكاء ووعي، لأن المتخصص بيقدر يشوف ما وراء السلوك مش السلوك نفسه، وبيفهم السبب، ويحدد العرض، ويعالج المشكلة من جذورها.
فكرة إن "كلنا اتربينا كده من غير تدخل" أو إن تعديل السلوك "موضة وتريند" للأسف بتظلم أولادنا. زي ما بنهتم بصحتهم الجسدية، لازم نهتم بصحتهم النفسية.
الخلاصة:
تعديل السلوك مش رفاهية ولا حاجة نأجلها، هو أساس التربية الواعية. كل مرة نختار نوجّه بدل ما نزعق أو نضرب، إحنا بنبني إنسان قادر يتعامل مع نفسه ومع الناس بشكل صحي ومتزن.